روائع مختارة | واحة الأسرة | قضايا ومشكلات أسرية | الصحة الإنجابية ومخطط تفكيك الأسرة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > واحة الأسرة > قضايا ومشكلات أسرية > الصحة الإنجابية ومخطط تفكيك الأسرة


  الصحة الإنجابية ومخطط تفكيك الأسرة
     عدد مرات المشاهدة: 4159        عدد مرات الإرسال: 0

من الواضح أن تغيير بُنية المجتمع الإسلامي العميقة واحد من أهم أهداف فلسفة العولمة التي تعني ببساطة تذويب كافة الثقافات والتقاليد في نمط عالمي واحد يروج له بأنه الأفضل والأكثر تقدما وتوافقا مع مكتسبات الحضارة الحديثة.

ولعل الأسرة هي واحدة من أهم هذه البنى العميقة التي ينهض ويقوم عليها المجتمع وبالتالي فإن تفكيك الأسرة تدريجيا وإستبدالها تدريجيا بأشكال أخرى هي واحدة من أهم أهداف العولمة.

للعولمة سلاحان، أحدهما صلب يتمثل في الغارات العسكرية كما حدث في العراق وأفغانستان وأخيرا في مالي وتندرج العقوبات الإقتصادية الدولية تحت هذا السلاح الصلب.

والآخر، سلاح ناعم يستهدف إقناع الشريحة المستهدفة بالفكرة عن طريق الإلحاح والتكرار من خلال المؤتمرات والندوات والتغطية الضخمة من وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمشاهدة ومن خلال الأعمال الفنية والدرامية وبرامج التوك شو حيث تتغير تدريجيا البنية العقلية للمجتمع أو للشريحة المستهدفة ومن ثم تتغير البنية النفسية ثم يبدأ التغير الفعلي على أرض الواقع.

[] الفوضى الجنسية:

ولنأخذ مثالاً على ذلك: نشر الفوضى الجنسية أو بمصطلح العولمة -الحرية الجنسية- بإعتبارها أحد حقوق الإنسان الأساسية، كيف يتحقق بالأسلحة الناعمة... لابد لنا من الفهم الدقيق لسيناريو العمل إذا كنا نريد وقفه تمهيدا لتفكيكه وإزاحته نهائيا.

وبالتالي لابد أن أفكر بعقلية الخصم وأتابع ما يجري على أرض الواقع بصورة موضوعية ومن ثم أضع إستراتيجية لحل الأزمة.

ولو تحدثنا عن نشر الفوضى الجنسية بين الشباب كيف تحدث سنجد أن هناك عوامل فسيولوجية خاصة بالشباب حيث تبلغ الهرمونات الجنسية أوجها مع فترة البلوغ وهي فترة لا يستطيع غالب الشباب اليوم فيها الزواج نظرا لعوامل متشابكة، والكارثة أن حلم الزواج يبدو بعيدا جدا ربما لحد الإستحالة.

وتمر السنوات تلو السنوات ولا يزال حلم الزواج يشبه السراب للكثير من الشباب نتيجة الظروف الإقتصادية المتردّية والتقاليد المجتمعية البالية التي تعقّد الزواج الشرعي بإحاطته بمراسم شكلية باهظة التكاليف وبالتالي فإننا أمام مشكلة جنسية حقيقية يواجهها الشباب وهذه المشكلة إفراز طبيعي من مجتمعنا ولكن هناك عوامل خارجية تم دسّها بطريقة تبدو طبيعية وتلقائية وهي ليست كذلك عقدت من المشكلة وجعلتها تنحرف عن المسار الطبيعي في الحل.

فالشباب أصبح عازفا عن الزواج وذلك لسعيه وراء صورة مصنوعة من الجمال تم التسويق لها عن طريق الشاشات التي يسيطر عليها أنصار وأتباع فكر العولمة وأصبحت راقصة الفيديو كليب هي النموذج الأعلى للجمال الذي يسعى الشباب إليه وحتى الشاب الذي يتزوج من فتاة عادية محجبة يشعر بالغبن وتتطلع عيناه إلى هؤلاء اللاتي يملأن الشاشات فيحدث شرخ أسري عميق نتيجة هذه الصور والمشاهد.

أما الأعمال السينمائية فحدّث ولا حرج عن كم الأفلام التي تتطرق لنمط شاذ ومشوه من العلاقات التي يقول صانعوها إنها موجودة في الواقع وإنهم إنما ينقلون صورة الواقع ولا يدفنون رؤوسهم في الرمال والحقيقة إنهم يروجون لهذه الصور والعلاقات الشاذة بوعي أو دون وعي.

وبرامج التوك شو تتحدى المجتمع والشريعة بإصرارها على إستضافة ذوي الآراء الشاذة مثل تلك الفتاة التي شغلت الإعلام بشجاعتها وجرأتها لإثبات نسب طفلها لأبيه الذي لم يعقد عليها عقدا شرعيا معترفاً به وتسابقت وسائل الإعلام لتقدم أباها كنموذج للأب المتحرر المستنير وهو يدعم ابنته في معركتها!

وسائل الإعلام التي يحلو لها إستضافة هؤلاء الذين يسخرون من الحجاب الشرعي والأسرة التقليدية في زعمهم وتسخر من قوامة الرجل وتنعت المجتمع بالذكوري الأبوي المتخلف.

ببساطة شديدة جميع العوامل مهيأة للسقوط في أوحال الرذيلة: العوامل الإقتصادية الصعبة.. البنات المتبرجات الكاسيات العاريات المائلات المميلات.. الأفلام المنحلة التي تعرض على مدار أربع وعشرين ساعة.. البرامج الإعلامية التي تدعو للثورة الإجتماعية والتمرد والتحرر من ربقة التقاليد والعادات..

ما الباقي إذن حتى تتحقق الجريمة الكاملة دون ثغرات وجود وسائل منع حمل مناسبة وسهلة ومتوفرة يؤمن معها حدوث حمل غير مرغوب فيه وفي الوقت ذاته يمنع الأمراض الجنسية المنتشرة بين فئات المنحلين التي تمارس الفاحشة وهو ما تقوم به مراكز الصحة الإنجابية الممولة من الأمم المتحدة بإمتياز وهي تنشر خدماتها على أعلى مستوى ولا بأس من تقديم بعض الخدمات للأم والطفل حتى لا تبدو في صورة فجة يرفضها المجتمع ويعمل على إقتلاعها؟!

[] الصحة الإنجابية:

ورد تعريف الصحة الإنجابية في مؤتمري السكان بالقاهرة 1994 والمرأة ببكين 1995 كالآتي: ففي وثيقة برنامج عمل مؤتمر المرأة الرابع ووثيقة مؤتمر السكان والتنمية في البند 94/ج في الفصل الرابع تم تعريف الصحة الإنجابية بأنها: حالة سلامة كاملة بدنيا وعقليا وإجتماعيا في الأمور المتعلقة بالجهاز التناسلي ووظائفه وعملياته وليست مجرد السلامة من المرض أو الإعاقة.

كما يوضح البند رقم 94 من وثيقة بكين 1995م تعريف رعاية الصحة الإنجابية بأنها: مجموعة الوسائل والتقنيات والخدمات التي تسهم في الصحة الإنجابية وهي تشمل أيضا الصحة الجنسية التي يتمثل هدفها في تحسين الحياة والعلاقات الشخصية.

* ولو تأملنا هذه التعريفات سوف نلحظ الآتي:

أنهم يتحدثون عن سلامة الجهاز التناسلي بدنيا وعقليا وإجتماعيا فماذا يعني هذا؟

الصحة البدنية للجهاز التناسلي أمر مفهوم ولكن ما علاقة العقلي والإجتماعي بصحة الجهاز التناسلي؟!

هذا التعريف يكشف حقيقة مفهوم الصحة الإنجابية إذ لا علاقة بين رعاية الأم التي أنجبت حديثا بصورة طبيعية فطرية وهذا الكلام الغامض -غموض الصياغة مقصود للإلتفاف.

ولكن المقصود هو الحالات المنحلة والشاذة التي تحتاج لعملية غزو عقلي حتى لا تشعر بالإثم والحرج وتفاخر بالمعصية بإعتبارها خيارا شخصيا، وأحد الحقوق الأساسية للإنسان وبتعبير وثيقة بكين وسيلة لتحسين الحياة.

أما من الناحية الإجتماعية فالهدف هو تطبيع هذه العلاقات مجتمعيا وجعلها خيارا مقبولا ومتاحا من المجتمع والإستراتيجية هنا تحدث وفق خطة منظمة فالحركة في العاصمة غير الحركة في الأقاليم، وهي في المدن تختلف عن القرى. وتسمح الصياغة الغامضة المطاطة الموجودة في هذه الوثائق بالمناورة بحيث تبدو لحَسَني النية والبسطاء تهدف فعلا لمساعدتهم في الحياة بصورة صحية سعيدة.

[] أهداف خفية:

ومن ذلك مثلا أن من أهداف الصحة الإنجابية: توفير سبل الوقاية والعلاج من أمراض الجهاز التناسلي والأمراض المنقولة عن طريق الإتصال الجنسي بما في ذلك فيروس نقص المناعة البشرية -الإيدز.

¤ كيف نقرأ هذا الهدف؟

هناك منهجان لقراءة هذا الهدف:

*= أن نقرأه بسذاجة ونقول: هدف عظيم، يقدمون الوقاية للأزواج من الأمراض المنقولة عن طريق الإتصال الجنسي ويقدمون العلاج للمحتاجين منهم.. وللأسف هذه القراءة الساذجة شائعة جدا ومروج لها وما أن تستمع لأحد البرامج الخاصة بالأسرة إلا وتجد هذا التفسير الشائع مع إضفاء كل آيات التعظيم والتبجيل عليه وعلى مثله من الأهداف كتدريس مادة الثقافة الجنسية بالمدارس وما شابه ذلك.

*= أن نقرأه في السياق العام الذي تدور في فلكه هذه الإتفاقات والمعاهدات، وفي ضوء الفلسفة النسوية ومنهجية العولمة ونتوقف بعض الوقت لإستنطاق لغته الغامضة فهل هناك أمراض جنسية تنتقل بين زوجين عفيفين يعرفان حدود ما أحل الله وما حرمه؟ الجواب يعلمه الجميع.

إذن الحديث ليس عن أزواج وزوجات ولكن عن علاقات محرمة تتعدد فيها العلاقات ومن ثم تنتشر فيها الأمراض الجنسية إنتشار النار في الهشيم.. علاقات غالبا بين فئات الشباب والمراهقين الذين يرغبون في تقديم الثقافة الجنسية لهم في المدارس ومنحهم الحق في التصرف بجسدهم كيف شاؤوا دون خوف فهم سيوفرون لهم سبل الوقاية والعلاج.

إننا بحاجة لثقافة جديدة تعتمد على ديننا في المقام الأول ثم تستفيد من تاريخنا وحضارتنا الأصيلة وتستفيد من نتائج العلم الحديثة، وبدلا من تقوقعنا في دائرة رد الفعل على ما يحاك لنا علينا أن نتصدى للفعل وما أجمل أن يتعلم الناشئة كل القضايا التي تهمه من الناحية الجنسية أثناء تلقيه دروس الفقه فيعرف أحكام الجنابة والطهارة في جو إيماني رفيع لا يثير غرائزه بل يستثير خشيته من الله عز وجل.

الكاتب: فاطمة عبد الرءوف.

المصدر: المنتدي الإسلامي العالمي للإسرة والمرأة.